الحقيقة بين أيدينا مرجع أصيل ، ويعتبر وثيقة تاريخية وائلية ، ومن لم تكن هذه الوثيقة بين يديه فقد حرم حقيقة تاريخ عنزة المعاصرة ، وهو ديوان بن المقرب العيوني العبدي الوائلي ، والذي هو الرابط الوحيد بين تاريخنا الجاهلي والاسلامي والوسيط والمعاصر ، فكلما قرأت به فأجده بحر متلاطم لا ساحل له ، فهو عبارة عن موسوعة تاريخية للعرب عامة ، ولبني وائل خاصة ، وكلمة وائل هي كلمة عندما تقال ، فهي تعني (ربيعة) الفرس جمعاء وبشكل خاص ـ وخصوصاً (عنزة) اليوم .
فسوف نأخذكم برحلة مع هذا الوائلي العالم الاديب الاريب والشاعر الفحل ، وأفضل ما في هذا الديوان والمكون من سبعة مجلّدات ضخمه ، هو شرحه ، والذي من الواضح ان شارحه هو شاعرنا بن المقرب العيوني بنفسه ، ولو حاول المحقق أن ينفي ذلك ، ليثبت شيعية الدولة العيونية ، وهذا الرأي منه وما حاوله مستميتاً لكي يثبت شيعية الدولة العيونية بكل جد واجتهاد ، لا استبعد صلته بالشيخ الامير الشيعي والذي خرج لنا فجأة بالعراق ، وقيل عنه أنه شيخ مشايخ عشائر عنزة بالعراق ، وهو المدعو ـ سعد عباس الفدعاني العنزي !
خصوصاً أن خروج هذا الشيخ علينا ، جاء متزامناً مع الاهتمام فجأة بديوان بن المقرب العيوني والدولة العيونية ، من قبل الشيعة اليوم وبالخصوص شيعة القطيف ، والتي لم تغب عن ذهنيتهم أنها دولة عنزية فدعانية بالذات ، وأنهم يعلمون ذلك جيداً ، مع أن عنزة وللأسف الشديد لا تعلم عن تاريخها هذا شيئناً البتة ، وهذا ما استغلّوه الاعداء ، وحاولوا تشويه ديننا ومذهبنا بالأضافة الى تاريخنا ؟! ، ولي مقال ان شاء الله تعالى سوف ينزل قريباً حول ارتباط ذلك الاهتمام وصلته بالمدعو ـ سعد عباس الفدعاني الشيعي العراقي العنزي كما يدعي ، ويطبل له الكثير !
فهل الدولة الشيعية يمتدح شاعرها أحد أُمراءها ويقول فيه :
حتّى كأنّك والمُشبّهُ صـــــــــادقٌ ** عمرٌ بها وكـأنها هي يثربُ
نام الغنيُّ وكــــــــان قلبك لا يني ** خوف المظالم ساهر يتقلب
ومشى الفقيرُ ضُحى وهوّن آمناً ** بالالتفات وأســفـر المتنقّبُ
الجزء الأول ص ـ 425 .
وهذه كلها أوصاف الفاروق رضي الله عنه ، أفيعقل أن الروافض تعترف بفضل عمر هكذا مجاناً ، وبلا تقيّة ، إنّ وراء الأكمة ما وراؤها .
لا شكّ أن الدولة العيونية هي دولتنا وهي تحمل ثقافتنا اليوم ونحمل ثقافتها كذلك ، وهي تمثلنا بكافة عاداتنا وتقاليدنا البدوية ونحن كذلك ، وهي دولة وائل كافة بلهازمها وبعبد قيسها وبجميع طوائف ربيعة وبطونها حواضر وبادية ، وإنّ ابن المقرب وثّق التاريخ ما قبل قيامها وما بعد قيامها ، ولقد عاش أيامها الحالكة السوداء وعايش ضعفها وسقوطها في منتصف القرن السابع الهجري ـ وقال من قصيدة ينخى فيها أحد جدود الجروان بعنزة اليوم ، وذلك من أجل أن يلحق الدولة قبل انهيارها ، وفعلاً أعادوا الجروان الدولة مرة ثانية ولكن ذلك حصل بعد قيام دولة الاعداء آل عصفور ، وهجرة بقية عبد القيس ومن معهم الى خيبر منضوين تحت عباءة عمهم عنزة ، وهذا ما تدل عليه جميع القرائن التاريخية والثقافية والرموز الذين لا يزالون يعيشون بيننا ـ يقول بن المقرب عن ضعف دولتهم واستنجاده بـ آل الجروان العبديين :
أبلغ هُــديــت أبا علي ذا العلى ** عني الـسـلام وقل له ببيان
أتراك ترضى أن يُحدّث جـاهل ** أو عـالــم من نازح أو دان
فيقول كان خراب دار (ربيعة) ** بعد العمار بنو أبي جروان
فهذا نصّ بربعيّة الدولة ـ فهل من أسقطوا دولة القرامطة الفارسية الاسماعيلية ، وأعادوا الاسلام، وكانوا سبباً في عودة الحجر الأسود لمكانه الشرعي ، واضعاف الدولة القرمطية حتى أسقطوها ـ يبقون روافض ؟؟؟!!
نعود ونأخذكم مع ذكر لأعلام من أعلام عبد القيس وهم أجداد أبطال الدولة العيونية ، ولهم أحفاد بيننا اليوم ، فمن أبطال عبد القيس هم من ذكرهم بن المقرب عندما نصح عبد القيس ومن معهم من رعيتهم بالجلاء بعد ضعف الدولة وخوّفهم من الانتقام على يد أعدائهم ، وان يحصل لهم كما حصل لأجدادهم على يد القرامطة فقال :
ألا يا لقومي من ربيعة هل أرى ** لكم يوم بأس يصدم الجهل الجهل
إلا تــقــاســون الــهــوان مـذلّـة ** وأنتم اذا كــوثــرتـــــم عدد النمل
يـسـوقـكـم كـرهـاً إلى ما يسؤكم ** عـبـيـدكـم ســوق الأحيمرة الهُزل
وما زال يُقرّعهم وينفخ الروح فيهم الى أن قال من قصيدة أخرى :
أقــــول لـرهـــط من سراة بنو أبي ** ودمع المآقي قد تداعت حوامله
إلام بني الأعمام نفضي على القذى ** ونـكـثـر لــيــان العلى ونــماطله
وما بعد سلب المال والعز فاعلموا ** مــقــــــام وزاد المرء لابد آكـلـه
ولا بعد تـحـكـيـــم العدا في نفوسنا ** وأموالنا شيء من الخير نامـلـه
وقال من قصيدة أخرى :
أرجال عبد القيس كم أدعوكم ** في كل حين للعلا وأوان
فتراكم موتى فأسكت أم ترى ** خلقت رؤوسكم بلا آذان
الى ان قال بعد يأسه منهم :
لم يبقى مـــــــال تتقون به العدى ** لربـيـعـــــــــة فيها ولا قحطان
((أني لأخــشــى أن تلاقـوا مثلما ** لاقى بنو العيّاش والعريــان))
كرهوا الجلاء عن الديار فأهلكوا ** بالسيف عن عرض وبالنيران
بنو العياش من عبد القيس كان لهم دول ، قبل سيطرة القرامطة عليها وقتلهم وابادة سراتهم ، وهم قد قتلوا أبو القرمطي من قبل وهو صاحب ثورة الزنج وهو من ايران فارسي الأصل ، وكذلك العريان هم أجداد آل ابراهيم ملوك الدولة العيونية ، قد أهلكوهم القرامطة كذلك ، وكانوا لم يظنوا بهزيمتهم على يد القرامطة ولم يجلوا النساء والأطفال ـ بعكس حكام الدولة العيونية ، فكثير من ابناءها وباديتهم عندما عاينوا ما يحصل من ضعف وسيطرة الفرس قاب قوسين ، وما يحصل في بغداد على أيدي التتر المغول والروافض أعوانهم ، هاجروا من منطقة الاحساء والقطيف قبل حلول الكارثة التي حذرهم منها الشاعر ، وذلك باتجاه خيبر لاشكّ بذلك ، والدليل الرموز العيونية والذين لا زالوا بيننا بشكل واضح وجليّ لكل مطلع على أغوار ذلك التاريخ ، وعارف ببطون عنزة اليوم وثقافاتها الموروثة .
فهناك أعلام من تلك الدولة ومن أجدادهم ومن رعيتهم الوائلية ، وما هجرة جدود آل سعود فيما بعد من واحة القطيف الى اليمامة ، إلّا دليل واقعي على تلك الهجرة السابقة ، ودليل كذلك على أصل للقبيلة كان هناك مقيم يوماً من التاريخ .
يقول الشاعر المقربي يمدح أحد أمراء الدولة العيونية ويوصيه بأحد الجروانيين ، وهو أبا قناع فاضل بن جريّ بن (دومي) العبدي ، وأظنّ اسم (القناع) بيننا اليوم له وزنه بالقبيلة ،يقول :
وابسط يدي فاضل في الأمرتُكف به ** ما ناب وارم العدى عن قوسه تُصب
فــفــاضـــلٌ غــيــرُ خــوّان ولا وكل ** في الــكــائــنــــات ولا وان ولا وغب
أوفــى نــزار وأكــفــأهــا وأمـنـعـها ** عند الـلــقــاء وأحـمـاهــا على حسب
يقول المحقق معلّقاً على بيت أورده شاعرنا المقربي في مدح الجرمازي للمنذر بن بشر بن المعلى الجارود :
الممدوح هو : المنذر بن الجارود ، واسم الجارود بشر بن حنش بن المعلى ـ وآل الجارود من أشرف بويتات العرب قاطبة ، وأصلهم من القطيف على الساحل الشرقي لجزيرة العرب حيث كانوا ملوكها قبل الاسلام وبعده ، قلت وهذا هو تاريخ عنزة كما شهد في ذلك طرف محايد ـ أن عنزة ممثلين بعد القيس وبآل الجارود كانوا ملوك المنطقة الشرقية السعودية اليوم قبل الاسلام وبعده ، فهل هناك فخراً أكبر وأكثر من هذا ؟
ثم قال المحقق :
وقد أسلم الجارود على يد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فسر بإسلامه سروراً ذكره أغلب من روى خبر وفود عبد القيس عليه وإسلامهم على يديه . وبعد انتقال الرسول عليه السلام إلى الرفيق الأعلى وارتداد من ارتد من قبائل العرب هاجم الحُطم البكري ـ بكر بن وائل ـ القطيف ، فأخذ الجارود وشدّه وثاقاً وجعله في الزارة عاصمة القطيف ، كما ذكر ابن الأثير في كتابه النهاية في غريب الحديث ، وذكر البكري في كتابه معجم ما استعجم في رسم (القطيف) أن الجارود انحاز بعبد القيس إلى القطيف حين ارتدت بنو بكر ، وحاصرت القطيف وجواثا .
قلت نستفيد من هذا النص ، أن قيس بن ثعلبة اللهازم ، كان منها بطون تسكن البحرين قبل الاسلام وبعدها ، وهم من هاجر مع عبد القيس الى واحة خيبر .
ثم قال المحقق : وبعد ذلك نذر الجارود نفسه للجهاد في سبيل الله حتى استشهد في فارس في بلدة كانت تعرف بعقبة الطين ، ولما استشهد فيها الجارود سمّيت بعقبة الجارود إجلالاً له ، وهاجر بنوه بزعامة ابنه المنذر الى العراق ، فكان لهم ذكرٌ عظيمٌ فيها وشأن كبير حتى عدّهم أبو عمرو بن أبي العلاء أشهر بيوت ((ربيعة)) على الأطلاق ، وذلك في خبر ذكره أبو البقاء هبة الله الحلّي في كتابه المناقب المزيدية في أخبار الملوك الأسدية ، حيث قال فيه : "
وقال ابو عبيدة : قال أبو عمرو : قدمت العراق ، فوجدتهم ، فوجدتهم يزيدون بيتاً في العرب ، وهو بيت آل ذي الجدين في ربيعة ، ولا أعرف في ((ربيعة)) بيتاً كبيت ((آل الجارود)) من عبد القيس ، ولا رجلاً أكرم من الحكم بن المنذر ، ولا دار أمنع من البحرين .
والحكم هذا هو ابن المنذر بن الجارود الممدوح أبوه من قبل الشاعر الحرمازي هنا ، وقد مدح الحرمازي الحكم هذا في قصيدة أخرى تعد من جيّد الشعر العربي حتى ان الحجاج حسد الحكم عليها وهو قوله منها :
يا حــكــم بن المنذر بن الجارود ** سرادق الـمـجـد عـلـيـك ممـدود
أنت الجواد بن الجواد المحمود ** نبتّ في الجود وفي بيت الجود
انتهى .
قلت أنا وقد قيل ان الحكم هذا مات في سجن الحجاج .
وللحكم هذا أخ يقال له ((حرب) بن المنذر ـ ينتسب اليه فخذ من أحد بطون ولد سليمان ـ ضنا عبيد وهم عبد القيس .
فلو استعرضنا اعلام من عبد القيس كما اسلفت لوجدنا بيننا ما يقابلهم من البطون المشابهة كفخذ ((الحربي) المنتسب لحرب بن المنذر بن بشر وهو رمز ضنا بشر اليوم ، وما شابه أباه فما ظلم ، فأين أحفاد العلم المعذّل بن غيلان العبديون وكان له احدعشر ولد كلهم شعراء ، ويقال لهم اليوم أبناء غيلان بعنزة ـ كذلك أحفاد الجمال العبدي ـ وأيضاً أحفاد العلم المزرع يموت بن المزرع العبدي ، وأحفاد الرّيان صاحب الهراوة بعبد القيس ، كذلك الأعور الشني على عهد الامام علي بن لبي طالب رضي الله عنه ، وأيضا أحفاد العلم ـ جندل بن أشمط ـ وهناك بطون تنتمي لهذان العلمان بيننا اليوم ، وآل صوحان البلغاء ، كصعصعة بن صوحان ، زيد بن صوحان ، وسيحان بن صوعان ، فالزيد والسيحان بيننا اليوم ، وبني صعصعة بدولة عمان فهي مليئة بعد القيس خصوصاً الزعابا ، والذين معنا منم فصيلة قليلة بضنا عبيد اليوم ، وابناء شفيق العبدي أحد الحفّاظ وأوعية العلم ، والأعلم العبدي حكيم عبد القيس ، وابو المهوّس العبدي وغيرهم كثير ، فإلى مقال آخر يتكلم عن تاريخ عنزة القديم والوسيط ان شاء الله .vpgm lu Hughl ,hzg ,vfdum hgtvs (uk.m) >
vpgm lu Hughl ,hzg ,vfdum hgtvs (uk.m) > vpgm lu Hughl ,hzg ,vfdum hgtvs (uk.m) >