محسن الهزاني

الباحوث · 11-08-2010, 05:50 AM

سم الله الرحمن الرحيم

محاضرة الشيخ عبدالله بن خميس بخط يده

محسن الهزاني من رواد الشعر الشعبي

لا تحدد المصادر التي بين أيدينا السنة التي ولد بها هذا الشاعر ولا السنة التي

توفي بها ولكن القرائن والمرجحات تفيد أنه أدرك العقود الأولى من القرن الثاني عشر

الهجري.. فهو لم يدرك عهد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.

وإذا أدركنا أن الشاعر ابن لعبون قد ولد عام 1200هـ وقد توفي عام 1246هـ وهو يقول

يخاطب ابن جلف من قصيدته التي مطلعها:

ما طرق فوق الورق يابن جلق * زور كـف فــوق كــف مــا يلـيـق

يقول :

اترعن كـاس الهـوى لـي واندفـق * كاس عذرى الهوى راعي الحريق

معنى هذا تحقيق ما ذكرناه وهنا من تحديد عصره الذي عاش فيه وكثير ما يدعي

مصغر وهذا التصغير كثيراً ما يلحق الشعراء وهو تلبد في ذهن مجتمعاتهم وعقوق في

حق الشعر والشعراء فهم يقولون : محيسن الهزاني وحميدان الشويعر

ومويضي البرازيه وبدويوي الوقداني أما هو فمحسن بن عثمان الهزاني الجلاسي العنزي

من الأسرة الهزانية التي تسكن اليمامة اليوم ومقرها العلاة من

جبل اليمامة وما حولها وهي التي تدعى الآن (علية) فهي مسكنهم .

و كانت تسكن نعام طائفة من قبيلة سبيع يقال لهم القواددة وفي سنة (1040هـ)

أستولاء الهزازنة على بلدة نعام من القواددة ومن ذلك الحين وهي مقر تجمعهم حتى

الآن وطغت شهرة الحريق على ما حولها من البلدان في هذا الوادي حتى أصبح

يسمى بوادي الحريق بدلاً من اسمه القديم وادي نعام.

ويثني على أهل الحريق أحد الشعراء الشعبيين قبل دور آل سعود في هذه المنطقة

فيقول:

الضيف بالخبرا يقلط علـى الـراس* مـا دوروا عنـد القـريـب الدنانـيـس
هم بالقصيم وبالجنوب ابـن دواس *وأهل الحريق وبالشمال السناعيس

ويقول الأمير عبيد بن رشيد :

اللي عطى حق الديار الهزازين *وحنـا إلـى عـدت فعـول القبايـل

ومن أراد مزيد من أخبار الهزازنة والحريق فليرجع إلى كتابنا (معجم اليمامة)..

ولد شاعرنا في بلدة الحريق وتوفي بها ونستطيع أن نستشف من واقع أسرته

الشهيرة الذكر ومن معطيات شعره وما حملته الروايات والقصص الشعبية عنه أنه نشأ

في خفض من العيش وفي مقام أسري ملحوظ ومرتبة اجتماعية بارزة هيأت له جواً من

الانطلاق والحياة الغزلة الضاحكة إلى ما وهب من وسامة وروح متفتحة أخاذة وشاعرية

مطبوعة مبدعة.

ولم تكن بيئته في ذلك العصر متبلدة خشنة جافة بل كانت مرحة رقيقة تجد العاطفة

لها مكانا بين طياتها ويجد الحب سبيلاً إلى ناشئتها وينفذ الشعر إلى أعماقها فتغذيه

وتنميه رواية تأثراً وتأثيراً فالبيئة لم تزل تجتر بقايا العصور الغابرة فاليمامة هي التي

عاش في أحضانها عشق العامريين ومنهم المجنون وليلى، وعشق التميميين ومنهم

غيلان ذو الرمة وميتة التميمية، وخرقاؤه "العامرية وعشق الحنفيين ومنهم عباس بن

الأنف ومحبوبته "فوز"، وعشق العجليين ومنهم بكر بن النطاح ومحبوبته "درة" فكانت

اليمامة تتوارث الوله وتنبت الحب وتهيم بالجمال.. فلا غرابة أن يدرك عصر محسن

الهزاني صبابة من ذلك الماضي وبقية مما ترك أسلافه.. ففتح فيها شاعرية محسن بما

وهبت من معطيات ما جعلها انتفاضة عاطفية حفظت لمحسن وعصره ليأتي ابن لعبون

بعده فيقول :

أترعـن كـاس الهـوى لـي واندفـق *كاس عذرى الهوى راعي الحريق

ويقول سليم بن عبدالحي :

ووين محسن وين عبدالله الفرج * وين ابن لعبون بيطار المثيل
شوف وش سوّى لهم غض الشباب * كلّ منهم مات مغلول عليل

ويقول الوضيحي :

ومحسن فدى بالزين كل الهزازين *لـو هـو يشـوف ضويحـي كـان عافـه

ويقول زبن بن عمير :

يسمى دور محسن والدجيما وابن لعبون * مكنـت اتـلاه وإلا أن أولـه مافـات عـنـي

والبادية بما عرف عنها من حب عذري وتدله بالجمال وقوله به وبما عرف عنها من

بيئة متسامح عاشقة لم تكن بمنأى عن محسن ولم يكن غرامه وليد الحضر وربيب المدر

وما أخال الذي شب عاطفة ابن سبيل وأدارى غرامه إلا وقد فعل فعله في لب محسن

وفي قرارة قلبه.

يقول :

بني وبين صويحبي وقفة أحـوال * يا مـن يديـر الصلـح بينـه وبينـي
أعطيه ما تملك يميني من المال * وأجعل مقـره بيـن جفنـي وعينـي
يـا ليلـةٍ بتناهـا فــي شـهـر شــوال* بتـنـا ولاش حـــال بـيـنـه وبـيـنـي
إلا بريم الريـش والطـوق وهـلال * ونـويـهــداتٍ كـنـهــا الفـرقـديـنـي

قال تنبه مغزل العين لي قال إلخ...

لى شدو العربان ، فوق أوضح شال* أفــج مــا بـيـن المـراجـل ظعـيـنـي
يـرعـى بسبعمـايـة وسبعـيـن خـيــال * حـامـيـنـهــا بـمـذّلــقــات الـعـريــنــي
مرباعـهـا مــا بـيـن أبـانـات والـخـال * ناحيـن عنـه الـدوسـري والحسيـنـي
مـا هـم بنجـع بريـه جمّاعـة المـال* علوى هل الردّات يـا شيـب عينـي

ومن هذا استنبط أن العصر الذي برز فيه محسن وهو مطلع القرن الثاني عشر هو

الذي كانت قبيلة مطير تتربع فيه على أمرة نجد وتتقاسمه مع قبيلة عنزة.

تقول موضي البرازية من برزان مطير :

نجـد خذيناهـا مــن الاد وايــل أمـا حمينـاهـا بـضـرب السـلايـل
واليوم عدونا سكن وادي الراك ولا عطينا الـشــاة ذولا وذولاك

كما قد ورد في شعره مدح لوطبان الدويش يقول منه مخاطباً ركبا وهمياً بعث به إليه:

عـوجـوا رقــاب ركابـكـم يــا مطالـيق * مقـدار شــرب مـولّـع الكـيـف غلـيـون
وإلـــى تقـهـويـتـوا وفـكّـيـتـوا الــريــق * لا بـأس يـا ركـب إن نويتـوا تـمـدّون
مــن فــوق هـجـن ٍكنّـهـنّ الدوانـيـق * تقطـع مسيرالعشـر يـوم ٍ عـلـى الـهـون
أوطـوا علـى جـلـد الهـنـا بالمسـاويـق * وإلا برفـق ٍ يـا هــل الهـجـن تمـشـون
خلونى أصحا من هوى السكر وأفيق * وأدي سـلامـي يـمّــة الـلــي تـــودون
ومـنـمّـق ٍ بـالــزاج والـعـفـص تنـمـيـق* ألـبّ و أحــلا مــن نـبـا كــل مكـنـون
للمنتخـي خلـف السبـايـا أبــو علـيـق* يوم إن ذا يطـرح و هــذاك مطـعـون
وطـبـان زيــن أعـيـادهـن المشـافـيـق إ*لا ولــه نـفـس ٍطـمـوح ٍعــن الـــدون

أما صلته بعنزة فصلة نسب وصلة جوار جعلت صداقة متينة تنعقد بينه وبين مسلط

الرعوجي شيخ العمارات من عنزة و لقد رثاه بقصيدة رباعية باكية قال منها:

يا راكب من فوق مثل السبرتاة
حمرا فتاة عن لقاح معفات
تنصى الكواعب من بنات العمارات
يبكن "اخو نوضا" على راس ما طال
يبكن بدم ليس بالدمع يخلط
على عقاب العندليات مسلط
حلفت ما مثله على الجمع يقلط
ولا انقلن الخيل مثله برجال
يا البيض كبن الحلي والعشارق
وابكن أخو نوضا مروى المطارق
خيالها وان جللوها المعارق
لحق الوسيق ورد الاول على التال

وقال :

وان زرفل المسيوق وارخوا الأعنة
والجيش هربد والرمك يشعفنه
أهوى على ركن من الخيل كنه
(جلمود صخر حطه السيل من عال)
وان زرفل المظهور واقفى مع الريع
ولحقن باهلهن عالجات المصاريع
ومن الغير مالت وجيه المداريع
فلا بوجهه يعلم الله بميال
لا وا عشيري مسلط حامي القود
راقي ذرى العليا حجا كل مظهود
لين انتدب من فوق ما يقحم العود
عيى على تالى الظعن زين الادلال

وبالجملة فصلته بالبادية وثيقة نسباً وصداقة وجوار إلى جانب أن بلدة الحريق مازال

البادية من قريب ومن بعيد يقصدونها .

والناس بالتشبث بكل مشتهر يلحقون به ما ليس فيه أو يزيدون على ما فيه أضعافاً

ويبالغون كما حصل قديماً لأبي نواس وبشار وهبنقة وكما حصل في الأزمنة المتأخرة

لحميدان الشويعر وابن لعبون وضيف بن سعيدان والوضيحي وأضرابهم.

فكذلك حصل لمحسن الهزاني بالغوا وأسرفوا في وصفه بالمجون

ونسجوا حوله الروايات والحكايات فالحقوا به قصة ذات النحيين وقصة تسمى(نصيبك)

وقالوا أنهم أخذوه معهم إلى الحج اتقاء لعبثه في البلدة وقالوا أنهم عزلوه عن أن

يخرج معهم إلى الاستسقاء لما يزعمون من فسقه ولئلا يعاقبون بمجونه فلا يستجاب

لهم..

وقالوا أن الماشطة إذا مشطت إحدى الحسان وأرادت مدحها قالت عسى أن لا يراها

محسن.. وادعوا أنها مرة قالت :

أصفـر معصـفـر لـيـت محـسـن يشـوفـه توه على حسب الغرض ما بعد لمس

وصل الخبر إلى محسن فقال :

يا ما عفى الله جيت له في وعوده * البارحة و اليوم وامس وقبل امس
شديـت مجـدولـة وهـزيـت عــوده * وشربت من ريقه ومنـه هلـه دمـس

والحقوا بقصيدته التي مطلعها:

يالله بـــنـــوٍّ مــدلّــهـــم الــخــيـــالا * طافح ربابه مثل شرد المها الزرق

ألحقوا بها أبياتاً ساقطة ماجنة جدا لا نبيح لأنفسنا هنا إيرادها.
منقول من منتديات بني ياس

lpsk hgi.hkd

المصدر: المجالس التاريخية - من قسم: مجلس الموروث الشعبي

lpsk hgi.hkd lpsk hgi.hkd lp.k hgi.hkd